السبت، 28 يوليو 2012

الفصل الثالث أهم آثار البطالة والتسول على الفرد والمجتمع

المبحث الأول:

أهم آثار البطالة على الفرد والمجتمع

1)   الاضطرابات الأسرية: تترك البطالة أثراً سيئاً عند العاطلين، فتتوتر أعصابهم، فتزداد سوء الحالة النفسية عندهم، فيؤثر ذلك على نفسية أسرهم وأولادهم، فتزداد بذلك قوائم المنحرفين، كما أن الزوجات لا يسلمن من أذى أزواجهن العاطلين، فيقع الخصام والتشاجر بينهم الذي هو بداية الطلاق والفراق.

2)   زيادة عدد العاطلين: فقد بلغ عدد العاطلين في الولايات المتحدة الأمريكية تسعة ملايين عاطل. وفي فرنسا مليونين وستة آلاف عاطل، وفي بريطانيا ثلاثة ملايين، وفي ألمانيا ونصفاً، وفي شبه القارة الهندية ستة وأربعين مليوناً، كان ذلك في نهاية عام 1983م، وفي كندا مائة ألف عاطل، وفي العالم الثالث خمسين مليوناً (1).

3)    كثرة الجريمة: من آثار البطالة: كثرة الجريمة، وضعضعة الأمن، وسفك الدماء، وانتهاك الأعراض، واغتصاب الناس، فيصبح العالم لا يأمن على دينه وعرضه وماله، بالإضافة إلى وجود الحرابة وقطاع الطرق.

4)   وقوع المجتمع تحت سيطرة العدو: عند وجود الكساد الاقتصادي والركود والبطالة في بلد ما يضطر إلى الرجوع إلى عدوه، ليسد كفايته وحاجته، والعدو يتحكم فيه،

(1)     انظر: مجلة الاقتصاد الإسلامي (ص116) المجلد الأول، السنة الأولى لعام 1402هـ-1982م.

فلا يعطيه إلا بشروط، فيفقد هذا البلد شخصيته وقراره ومرجعيته، فيصبح قراره نابعاً من غيره، وقد قيل: (ما لم يكن الطعام من الفأس، فلا قرار من الرأس).

5)   تحديد النسل: فقد تؤدي البطالة إلى البحث عن المخرج، ومن المخارج التي يلجأ إليها بعض الناس وهم لا يقدرون عواقبها- تحديد النسل، بحجة أنه لم تعد لديهم

موارد، ومعلوم أن الأمم التي تحارب نسلها إلى زوال، ولو بعد حين، وها هي أوربا الشرقية والغربية وأمريكا تصرخ جميعاً اليوم من قلة النسل، الأمر الذي ينذر بالفناء والزوال .

6)   اعتياد الخمول والكسل: ذلك أن الإنسان يتجدد نشاطه بالعمل، فإذا ما قعد يصاب بالفتور والكسل، وبمرور الزمن يصبح الفتور والخمول والكسل عادة له، كأنما هي جزء من حياته، بحيث لو أعيد للعمل مرة أخرى وجد صعوبة ومشقة، وقد لا يستطيع.

1)   الفراغ: فإن القاعد عن العمل تحدثه نفسه وتملى عليه شياطين الإنس والجن أن يعمل، وليته عمل في النافع، وإنما في الشر والجريمة والعياذ بالله، وقد قال r: )إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمه، فأما لمة الشيطان: فإبعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك: فإيعاد بالخير وتصديق بالحق((1).

(1)   رواه الترمذي في أبواب تفسير القرآن في سورة البقرة عند آية ]الشيطان يعدكم الفقر..[ (حديث 4073) (4/288) حديث ابن مسعود، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف 7/139)، وابن حيان في صحيحه (حديث 993) كلهم من طريق أبى الأحوص وهو: سلام ابن سليم الحنفي الكوفي (وهو ثقة كما في التقريب1/342) عن عطاء ابن السائب، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود به. قال الترمذي: (هذا حديث غريب .. لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث أبى الأحوص). وفي نسخة المبار كفوري (8/333): (هذا حديث حسن غريب). قلت: وعطاء بن السائب: صدوق اختلط (التقريب 2/22). وأبو الأحوص: لا يعرف متى روى عنه.

2)   استمرار الربا: وقد يكون من أهم هذه الآثار استمرار العيش في ظلام الحياة الربوية، إذ إن المرابين حين يخططون لتوظيف فئة من العمال بثمن بخس وتسريح الآخرين يلجأ الآخرون لسد حاجاتهم بطرق، ومن بينها الاستدانة بالربا، فتستمر

الحياة الربوية إلى مالا نهاية، وربما يكون لديه بعض المال، فتسول له نفسه أن يستثمره من غير جهد ولا عمل، فيضعه في بيوت التمويل الربوية، وبذلك يساعد على استمرار الربا.

3)      الديون: وأخيراً، قد يكون الأثر الأكثر سوءاً هو الدين، إذ أنه هم بالليل ومذلة بالنهار.

 

المبحث الثاني:

أهم آثار التسول على الفرد والمجتمع

1)     استمرار البطالة أو الخمول والكسل وعدم العمل:

     أجل، إن التسول قد يدفع إلى البطالة، مادام المتسول يحصل على المال من غير جهد، ولا مشقة، ولا عناء، فلماذا العمل؟ فكأن التسول طريق إلى البطالة، والبطالة طريق إلى التسول؛ لأن البطالة نوعان:

1-   بطالة ولا عمل.

2-  بطالة مع وجود العمل، فالبطالة هنا مصطنعة، فإذا كان مصدر البطالة هو عدم وجود عمل فإنها ستؤدي إلى التسول، أما إذا كان مصدرها هو عدم حب العاطل للعمل مع كونه موجوداً، فإن ذلك هو التسول، ومثل هذا التسول يؤدي إلى البطالة، فقد يكون من آثار التسول البطالة، وقد يكون من آثار البطالة التسول.

2)  ذل المتسول نفسه: حيث يصاب بحال من الذل؛ لأنه لا يأخذ حاجته إلا بعد انتهار الآخرين له، أو احتقارهم وازدرائهم له. ولذلك كانت دعوة الشارع للمسلم، أن لا يعطي الصدقة مقرونة بالمن والأذى، قال الله تعالى: ]قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى[(1). ومتى أصيب الإنسان بالذل وتعود عله، سهل على العدو أن يخضعه لما يريد، لأنه استمرأ الذل والهوان، وصارت سجيته: أنه لا يستطيع أن يعيش إلا في هذا الجو من الهوان.

3)  سقوط هيبة الأمة من أعين الأعداء: ذلك أن التسول مظهر غير حضاري يكشف عن خلل في الأمة: إما فقر، أو سوء توزيع، أو عدم العناية بالمؤسسات العاملة، أو تشجيع للجريمة، وهذا كله ينتهي إلى سقوط الأمة من أعين أعدائها حتى صار ينظر للمسلمين اليوم على أنهم العالم المتخلف، ويطلق عليهم العالم الثالث.

4)  شيوع الجريمة: ذلك أن المتسول يحصل على المال، وقد يكون فوق حاجته من غير جهد ولا تعب، ويفكر في صرفه، وتكون الشهوات هي الباب المفتوح أمامه، فتقع الجريمة، وتشيع وتنتشر: من شرب الخمر، أو فعل الزنا، أو سفك الدماء، إلى غير ذلك من الجرائم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق