السبت، 28 يوليو 2012

أثار البطالة على الفرد والمجتمع

تظهر آثار البطالة في عدة جوانب :
أولاً : الجانب الأمني
يتركز هذا الجانب في بحث العلاقة بين البطالة والجريمة ، إذ استقطب هذا الجانب اهتمام كثير من الباحثين في مجال علم الجريمة وعلم الاجتماع .
ولقد عثرت على دراسة نشرتها الرئاسة العليا لمدينة الرياض في موقعهم بشبكة الإنترنت تحدد علاقة البطالة بالجريمة ، حيث أشارت هذه الدراسة إلى وجود درجة

مقبولة من الارتباط بين هذين المتغيرين فكلما زادتا نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ..
ومن أهم ما ورد في تلك الدراسة :-
1- تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة ، حيث تبلغ نسبة العاطلين المحكومين بسبب السرقة (27.1% ) من باقي السجناء المحكومين لنفس السبب ، وهذه النسبة بازدياد كل سنة .
2- وأكدت هذه الدراسة أيضاً أنه كلما ازدادت نسبة البطالة ازدادت الجرائم التي تندرج تحت الاعتداء على النفس ( القتل ، الاغتصاب ، السطو ، والإيذاء الجسدي ) حيث أوردت في هذه المقام نتائج دراسة أمريكية سابقة تؤكد أن ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل (1%) يؤدي إلى الزيادة في جرائم القتل بنسبة (6.7% ) ، وجرائم العنف بنسبة (3.4%) ، وجرائم الاعتداء على الممتلكات بنسبة (2.4%) ولا يمكن القول أو الحكم هنا بأن البطالة هي السبب المباشر للجريمة وإلا صار كل عاطل وكل فقير مجرماً ، وهذا أمر مرفوض ولا يحتاج إلى أي تدليل عليه ، وإنما نقول وكما تشير الدراسات إلى أن البطالة تحتوي على بذور الجريمة إذا صاحبتها عوامل معينة بظروف معينة .


ثانياً : الجانب الاقتصادي
الإنسان هو المورد الاقتصادي الأول ، وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أول ما يعتمد على الإنسان بإعداده علمياً حتى يتحقق دوره في الإسهام في نهضة المجتمع .
وتضعف البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي ، ويتحول كم من المتعطلين إلى طاقات مهدرة وبالتالي يخسر الاقتصاد هذه الطاقات ، كما أنهم يعدون عبئاً إضافياً

على الاقتصاد القومي يسبب خسارة تتمثل في توفير الأجور لهؤلاء مع عدم وجود عمل فعلي يستحقون عليه هذا الأجر . (1)
ثالثاً : الجانب السياسي
نستطيع القول أنه في عالم اليوم لم تعد الحقوق والحريات العامة التقليدية كافية للحكم على ديمقراطية النظام السياسي بل ينضم إلى ذلك معايير اقتصادية واجتماعية كثيرة في هذا المجال ، ووجود البطالة وآثارها من شأنه أن يخل بهذه المعايير . (2)
وكم أحرجت هذه المشكلة كثير من حكومات الدول وسياساتها ، ولا يخفى علينا ككويتيين مشكلة ( البدون ) التي تعاني منها دولة الكويت .
وليست هنا بصدد مناقشة هذه القضية أو طرح أسبابها وإنما أستطيع أن أقول أن مشكلة البطالة وآثارها ليست منها ببعيد ، فهي ككرة الثلج بدأت تتدحرج صغيرة حتى أصبحت قنبلة موقوتة بآثار لا تحمد عقباها إن لم تستدرك وتحل .
رابعاً : جانب الصحة النفسية
تؤدي حالة البطالة عند الفرد إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي ، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية فمثلاً ، يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية كما ثبت أن العاطلين عن العمل تركوا مقاعد الدراسة بهدف الحصول على عمل ثم لم يتمكنوا من ذلك يغلب عليهم الاتصاف بحالة من البؤس والعجز .
ويعد من أهم مظاهر الاعتلال النفسي التي قد يصاب بها العاطلون عن العمل :-
1- الاكتئاب : تظهر حالة الاكتئاب بنسبة أكبر لدى العاطلين عن العمل مقارنة لولئك ممن يلتزمون أداء أعمال ثابتة ، وتتفاقم حالة الاكتئاب باستمرار وجود حالة البطالة عند الفرد ، مما يؤدي إلى الانعزالية والانسحاب نحو الذات ، وتؤدي حالة الانعزال هذه إلى قيام الفرد العاطل بالبحث عن وسائل بديلة
----------------------------------------
(1) البطالة ودور الوقف في مواجهتها ( ص54)
(2) المصدر السابق (ص 67)

تعينه على الخروج من معايشة واقعه المؤلم وكثيراً ما تتمثل هذه الوسائل في تعاطي المخدرات أو الانتحار .
2- تدني إعتبار الذات : يؤصد العمل لدى الإنسان روابط الانتماء الاجتماعي مما يبعث نوعاً من الإحساس والشعور بالمسؤولية ، ويرتبط هذا الإحساس بسعي الفرد نحو تحقيق ذاته من خلال العمل ، وعلى عكس ذلك فإن البطالة تؤدي بالفرد إلى حالة من العجز والضجر وعدم الرضا مما ينتج عنه حالة من الشعور بتدني الذات وعدم احترامها . (1)
خامساً : جانب الصحة الجسمية والبدنية
إن الحالة النفسية والعزلة التي يعانيها كثير من العاطلين عن العمل تكون سبباً للإصابة بكثير من الأمراض وحالة الإعياء البدني كارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع الكولسترول والذي من الممكن يؤدي إلى أمراض القلب أو الإصابة بالذبحة الصدرية إضافة إلى معاناة سوء التغذية أو الاكتساب عادات تغذية سيئة وغير صحية .







ما هو الحل للمشكلة
ينبغي على الدولة أن تكثف الجهود للقضاء على غول البطالة ، فتستعين بأهل الخبرة والاختصاص لمعالجة هذه المشكلة والتحول من الركود إلى الانتعاش ، وقد رأيت أن الترياق لهذه المشكلة ينحصر في عدة أمور أهمها :-
---------------------------------------------

(1) البطالة في العالم العربي وعلاقتها بالجريمة د. عاطف عجوة (ص/41)

1- الاهتمام بتوجيه أموال الصدقات والهبات في توفير فرص عمل واكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل .
2- التوسع في سياسات التدريب وإعادة التدريب للمتعطلين لمساعدتهم في تنمية مهاراتهم وقدراتهم .
3- تشجيع التقاعد المبكر حتى يتمكن توفير فرص عمل جديدة بدلاً من هؤلاء الذين أحيلوا إلى المعاش .
4- تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات القطاع غير الرسمي وإزالة كل ما يعترضها من عقبات .
5- التركيز على المشروعات والفنون الإنتاجية ذات الكثافة العمالية نسبياً .
6- اهتمام الحكومات بإقامة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل الحقيقية أمام كل قادر وراغب فيه .
7- ترشيد عملية استخدام العمالة الأجنبية وذلك من خلال حصرها في مهن محددة .

8- تفعيل بعض الدول العربية لبرنامج يحث المواطن نفسه على القبول بالعمل البسيط فصرنا نسمع عن التكويت والسعودة والبحرنة .
9- العمل على تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور وذلك لدفع مؤسسات القطاع الخاص لتوظيف القوى العاملة الوطنية .
10- أقامت دولة الكويت بصرف أموال للعاطلين الذين لم يجدوا فرص عمل وظيفية بواقع مائة دينار لمدة سنة ، سيقوم العاطل بدفعها للدولة بعد توظيفه .
11- إعادة النظر في مكونات سياسات التعليم والتدريب بحيث يلبي سوق العمل .
12- الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك بخلق فرص عمل منتجة .
- تم بحمد الله وفضله –

المراجــــــــــع

1- القرآن الكريم .

2- الاقتصاد السياسي للبطالة – د. رمزي زكي – المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت – 1418هـ / 1997م .
3- البطالة ودور الوقف والزكاة في مواجهتها دراسة مقارنة – د. محمد عبد الله مغازي – دار الجامعة الجديدة للنشر – الإسكندرية – 2005م .
4- البطالة في العالم العربي وعلاقتها بالجريمة – د. عاطف عجوة – المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب – الرياض – 1406هـ / 1985م .
5- الجامع الصحيح لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي – تحقيق أحمد شاكر – دار الكتب العلمية – بيروت .
6- صحيح البخاري للإمام البخاري – دار الكتب العلمية – بيروت .
7- المصنف – عبد الرزاق بن همام – تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي – المجلس العلمي – الطبعة الثانية – 1403هـ /1983م

استدراكــــــــات


1- في الصفحة (6) تحت عنوان أسباب البطالة : بالنسبة للزيادة السكانية لا يصح للدولة أن تحتج به كسبب من أسباب البطالة ، إذ أن الزيادة في عدد المسلمين مطلوبة لما ورد من حديث معقل بن يسار عن النبي  ( تزوجوا الودود فإني مكاثر بكم الأمم ) أخرجه النسائي – كتاب النكاح – باب كراهية تزويج العقيم – حديث رقم (3175) ، وإنما سيقت هذه الحجة الواهية من بعض الدول لتحديد النسل ، مخالفين قول الحق تبارك وتعالى " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " هود (6) .
2- وفي صفحة (8) تحت عنوان آثار البطالة – الجانب الأمني ، ينبغي أن أشير إلى أن المسلم العاطل يعلم علم اليقين أن دماء المسلمين وأموالهم حرام لذلك قد تطفو هذه المشكلة وتظهر للسطح لدى المجتمعات الغير مسلمة بصورة أكبر من المجتمعات الإسلامية ، وكذلك في صفحة (10) تحت عنوان آثار البطالة – جانب الصحة النفسية فإن موقف الإسلام واضح ، وخط سيرة محدد رسمه لنا النبي  حيث أكد أن المسلم بخير دائماً حتى وإن لازمته الهموم بقوله  ( عجبت للمؤمن إذا أصابه خير حمد الله وشكر ، وإن أصابته مصيبة حمد الله وصبر ) أخرجه أحمد في مسنده – مسند العشرة المبشرين بالجنة – مسند سعد بن وقاص رضي الله عنه – حديث رقم (1410) .
3- وفي صفحة (11) تحت عنوان ما هو الحل لمشكلة البطالة ؟
أحب أن أضيف إلى أن الإسلام حث أتباعه على تطبيق مبدأ التكافل والتراحم بين المسلمين وأن من يفرج كرب المكروبين كان له من الأجر الوفير ما بينه الرسول عليه الصلاة وأفضل السلام في حديث عبد الله ابن عمر حيث قال ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ... ) الحديث أخرجه البخاري – كتاب المظالم والغضب – باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق